بوشاشي يكشف أسباب ''الإفراط'' في أوامر إيداع الحبس المؤقت

''القضاة يحبون إرضاء وزارة العدل ومن هم وراءها''

اشتكى قضاة، أثناء اجتماع المجلس الوطني لنقابتهم، الخميس الماضي، من حالة الرعب التي يشعرون بها بفعل الضغط الذي تمارسه وزارة العدل عليهم عن طريق المفتشين. وقال بعضهم إنهم يلجأون إلى إيداع المتهمين أو المشتبه فيهم الحبس المؤقت، رغم وجود بدائل أخرى، بسبب الضغوط التي يخضعون لها من المفتشية العامة، التي بمجرد ذكر اسمها ترتعش فرائس القضاة.
وحول هذه الوضعية، صرح المحامي مصطفى بوشاشي، رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، لـ''الخبر''، في لقاء جرى بمكتبه بالعاصمة، أن سبب ''إفراط قضاة التحقيق وقضاة النيابة في إصدار الأوامر بإيداع الحبس المؤقت، وجود ضغوط مباشرة أو غير مباشرة عليهم في الحالات التي يسمح القانون بعدم اللجوء إليه، مثل قضايا التلبس. وفي اعتقادي يوجد قضاة يمارسون الرقابة الذاتية يمليها حب إرضاء السلطة الوصية أو من وراءها، وهم بذلك يتصورون أنها الوسيلة المثلى للمحافظة على مسارهم المهني''.
وأوضح بوشاشي أن القضاة لم يسبق أن رفعوا إلى الرابطة ما يدفعهم إلى الإكثار من قرارات الإحالة على الحبس، وأعاب عليهم عدم الأخذ بالتعديل الذي أدخل على قانون الإجراءات الجزائية في .2001 وتابع في نفس الموضوع: ''ينص القانون على عدم اللجوء إلى الحبس المؤقت إلا إذا كانت الرقابة القضائية كبديل غير كافية، أو إذا كان الحبس المؤقت الطريقة الوحيدة للحفاظ على الأدلة وعدم التأثير على الشهود والضحايا، أو إذا كان المتهم نفسه معرضا للخطر إذا بقي حرا''.
وعبر الحقوقي عن ''أسف'' الرابطة كون بعض الجرائم المادية مثل جنحة التزوير، أو تهمة إهانة هيئة نظامية لا تتطلب، حسبه، وضع المتورطين فيها رهن الحبس، على أساس أن وجودهم خارج السجن لا يؤثـر على سير الدعوى العمومية. مشيرا إلى ''اكتظاظ السجون بالأشخاص المتابعين والمحبوسين على ذمة التحقيق، بالنظر إلى عدد الملفات المتراصة فوق مكاتب المحامين''. وأضاف: ''عندما يوضع المتهم في بداية قضية جزائية في الحبس، سيؤثـر ذلك في كل مسار الملف ويؤثـر أيضا على حياة المتهم وأفراد أسرته، وفي أغلب الأحيان يعطي الحبس المؤقت الانطباع لقضاة الموضوع بأن الأمر يتعلق بقضية خطيرة، ويتعاملون معها على هذا الأساس''.
ويثير مصطفى بوشاشي، في لقائه مع ''الخبر''، إشكالية التعويض بالنسبة للأشخاص الذين يستفيدون من البراءة بعد فترة من الحبس المؤقت، فيقول: ''يمنح القانون في مثل هذه الحالات الحق في طلب التعويض، لكن مجرد أن يتوقع القضاة هذا الاحتمال ينعكس سلبا على الحكم المرتقب''. ويذكر محامون أن الكثير من موكليهم يدانون بأحكام تغطي فترة الحبس المؤقت، بدل البراءة حتى لا يتوجهوا إلى طلب التعويض. ودعا بوشاشي إلى ''الرفق بكرامة الناس وبحرياتهم، لأن ما يحدث يخالف قانون الإجراءات الجزائية''، وإلى ما أسماه ''أنسنة المتابعة والمحافظة على سمعة وشرف المواطنين وعائلاتهم "

عن الخبر / حميد يس....................................................................25/12/2008